كلام إلى حكومة المملكة الأردنية الهاشمية
كلام إلى حكومة المملكة الأردنية الهاشمية
جفرا نيوز - بقلم: خالد النعيمات
لقد جربتم كل أشكال رفع كلف الحياة على المواطنين، وضيقتم شريحة المعفيين من ضريبة الدخل، وتوسعتم في فرض الرسوم وابتكرتم طرقاً كثيرة للحصول على الأموال من مصدر واحد هو جيوب الناس، وبعد أن قضيتم على قدرة الناس على الشراء وخنقتم الطلب لا بل شارفتم على إعدامه، وقبل أن يموت أظهرت لكم النتائج الأولية لهذا العام تراجع الإيرادات بدل ارتفاعها كما خططتم.
وأنتم على مشارف الاستمرار في زعزعة البنية التشريعية بتقديم قانون جديد لضريبة الدخل، فإننا نتوقع منكم الحد الأدنى من ردة الفعل الإيجابية تجاه اقتصاد مخنوق يكاد يلفظ أنفاسه. إن كنتم ستتبنون نفس الاستراتيجية السابقة في وضع قانون جديد لضريبة الدخل، يعتمد على جيوب الناس وعلى عوائد القطاع الخاص، فإن هذا تحذير لكم بألا تفعلوا، فقد تشبع اقتصادنا بالضرائب والرسوم التي تشل حركة أصغر دكان في زوايا أصغر قرية في الأردن.
الحل أيها السادة أن تنطلقوا نحو آفاق جديدة، وتفكروا في مصادر دخل جديدة، وألا تدفعوا الناس إلى الانطواء والبقاء خارج معادلة الاقتصاد، لا بد لكم من العودة خطوة للوراء ومعالجة المشاكل الهيكلية في التعاطي الاقتصادي مع ضريبة الدخل. الموضوع لا يقتصر فقط على الرفع ثم الرفع المبني على رفع، وإنما هنالك مجالات واسعة لمتابعة التحصيل ومحاربة التهرب الضريبي، مصدر أعتقد أنه سيخدم أكثر من مجرد رفع الضريبة، على أقل تقدير من حيث القيمة المطلقة.
هنالك ما يمكن أن تفعلوه على مستوى دمج المؤسسات والهيئات بما يخدم هدف توفير الكلفة، ولو على مستوى فاتورة الكهرباء وتكاليف الاتصال. هنالك مجال كبير لخفض تكاليف السفر والتنقل للموظفين الرسميين، فلا تذهبوا إلى جيوب الناس وأنتم أبعد ما تكونوا عن قلوبهم.
في حالات كثيرة رفع مستويات الإنفاق يرفع من العوائد والعكس صحيح، وبالأخص في الدول التي لديها بناء ضريبي كبير، لا تطمحوا إلى الحصول على أرقام أعلى نتيجة لرفع قيمة الضريبة وتضييق مساحات الإعفاء من الضريبة، بل اجتهدوا في تحصيل أكثر كفاءة للضريبة لكي تستغنوا عن الاعتماد على جيوب الناس، وتنقلوا البلد خارج إطار حالة الاحتقان التي تعيشها.
لقد جربتم كل الأشياء ما عدا التركيز على تحسين أداء التحصيل الضريبي، وأعتقد أنه قد حان الوقت لـ هكذا خطوة، وبالتزامن مع نيتكم لتقديم قانون ضريبة دخل جديد لمجلس الأمة، أدعوكم لتغيير فلسفتكم الضريبة من مبدأ الجباية إلى الذكاء في التحصيل، فنحن نعيش في عالم يحكمه الكيف أكثر من الكم.