إلى الحسين ..

إلى الحسين ..
جفرا نيوز - كتب : عبدالهادي راجي المجاليمن يومين وأنا أتابع رحيل السلطان قابوس بن سعيد , كان صديقك الحاني ..وكنت ترحل إليه في مسقط كل صيف ...كنا صغارا , مثل وردات نيسان , ونرقب الأخبار وأنت تنزل مطار مسقط ...ويحضنك وتحضنه , أتدري أن الدمع داهمني لحظة أن أعلنوا أن المنية قد وافته , داهمني الدمع عليك لا عليه ..فهو أتم الـ (80) أما أنت فرحلت , والدنيا ضرام ...
بكيت عليك , مثل غيمات وادي الشتا ..ودمعي لا أدري أهو دمع ؟ من محجر عين ابتلاها الله بالحزن , أم نصل سيف شق جفني ..واستلقى على دمي ...! بكيت عليك ..والدنيا كربلاء ...والعمر تشيع بالحزن , وها أنا مثل من حج لمقام ولي , تائه لا يدري بأي مذهب سيصلي , وعلى أي ناصية سينثر دمعه ...
لن تعود أدري ...يا دمي أنك لن تعود , وهل يعود ما سفح من دم على مذبح الهوى ؟ ..لكنها ومضات من حزن , وبعض النثر وددت أن أرسله إلى تراب قبرك ..,اشكو لك حالي , وحال التراب والمدى ..وحال وطن كما النوارس , يبحث عن مرسى لأحزانه وما من مرسى وما من شاطيء يلقي عليه ولو بعضا ..من تعب الرحيل ....
كان سيفك يحمينا , وكان شيبك ...مثل اتقاد الجمر في برد كانون , وكان الوميض في عينيك كتابا نقرأ منه في صباحات البلد وأهلها...وكنت مثل عبدالقادر الجيلاني في العصر العباسي , يتوضأ بالفضيلة والصبر ..ويقاتل بايات الله , وبالحب ...وباتقاد الأمل والحياة حين يجثو المكر على صدر الحياة ...كنت التاريخ كله , كنت العباءة الأموية ...وشعر المتنبي وكنت المجد العباسي ...والنخل إذ يغفو على كتف دجلة ويعلم العراق , أن الدنيا عربية ...
قلت لك يا سيدي أني من يومين وأنا أتابع رحيل صديقك السلطان قابوس , وأبكي عليك لا عليه ...وأشتاق لك , لو تدري كم في ضلوعي من حنين لكلامك ..لطلتك لمسدسك النبيل على الخصر الأيمن ...للأردن وهو يحمل بعض ..نظراتك وينثرها عبر المدى إلى القرى البعيدة , وخيام البدو ...وقلوب المحرومين والجوعى والتواقين إلى الحياة والنصر ...
أنا يا سيدي ..أخبرك أني قلق ومن قلق وعلى قلق أسير, والتراب الوطني مثلي ..لا أفق ولا رؤيا ..ولا حلم , ولا حتى هوية ....أخبرك يا سيدي أن روحي موزعة بين الصبر والألم , بين جرح وجرح ..وبين نزف يتلوه نزف ...
ولا أعرف ماذا أقول لك ؟...لا أعرف بماذا أناديك ؟..........
لكن غيمات من البلوى جثمت على صدري سترحل ..حتما سترحل , وسيف أوغل في تاريخي ومعتقدي ..وحلمي والهوية , سينكسر حتما سينكسر ...وسأبقى كل يوم , أخرج من الماضي صورك وكلامك ..وطلتك , وأقول في داخلي ..أن أصدق عشق في العمر هو عشق من رحلوا , ولكنك لم ترحل أبدا ..فقد استبد وجهك بي وأسرني ...ومازلت حيا حاضرا في قلبي ....ومن رحل هو أنا ..نعم أنا من رحلت
سيدي وإمامي ووجهتي ....لك الرحمة وعليك السلام , كل ما في الأمر أن عشقك ضج في روحي ....فاستبدت بي اللغة ..ونثرت بعضا من دمعي ..فاسمح لي أن ابكيك ..ماظل لنا في هذا الوطن غيربعض الدمع , والقليل من البكاء .